Sunday, June 9, 2013

العلاقة بين النكسة وكمب ديفيد

العلاقة بين النكسة وكمب ديفيد
نكسة يونيو 1967 هي أسوء هزيمة عسكرية في تاريخ مصر منذ الهكسوس. أسقطت سيناء والجولان في يد نظام الفصل العنصري، ومعهما ما تبقى من فلسطين بعد اغتصاب معظمها عام 1948. ولقد كانت النكسة محصلة لنظام دكتاتوري عسكري نشأ منذ طرد الفريق محمد نجيب والتحول إلى الحكم العسكري المطلق لجمال عبد الناصر، وهي عرّت النظام العسكري وكشفت الكثير من سوآته، ومن اهمها تكميم الأفواه واستخدام القمع لإسكات الشعب بما في ذلك السجن دون محاكمة والتعذيب النفسي والبدني، ونجحت في تأسيس التعذيب كواحد من التقاليد البغيضة للشرطة المصرية الذي استمر حتى يومنا هذا، وانتشر في بعض البلاد العربية، وحشد المظاهرات مدفوعة الأجر لدعم النظام، وتأليه الفرد وادعاء عبقرية الزعامة الملهمة. ولكن بعض سوآت النظام تم إخفاؤها فلم تظهر دلائلها حتى الآن بسبب التخلص من عبد الحكيم عامر الذي ادعى النظام حينئذ انتحاره. ولو كان قد حوكم على مسئوليته مع غيره عن الهزيمة، لظهرت بعض الأسرار التي لم تظهر بعد، خاصة حول دور جمال عبد الناصر والمحيطين به.
أما نكسة كمب ديفيد، فقد حولت النصر العسكري إلى هزيمة سياسية، وحولت مصر التي كانت منتصرة إلى دولة تابعة لأمريكا، ومتنازلة عن جزء من سيادتها لدولة الفصل العنصري، وهو نتيجة طبيعية لاستمرار الحكم العسكري الذي انهزم في 1967 وفقد توازنه ومبررات وجوده ولكنه استمر بفضل دعم الليبرال والعلمان.
والنظام العسكري الدكتاتوري الذي بدأ بعبد الناصر وانتهى مع تنحي حسني مبارك هو أسوء نظم الحكم في تاريخ مصر، التف حوله العلمان والليبرال، ثم استمروا في رفع إعلامه فيما بعد تحت غطاء الناصرية والمدنية.  ومن أهم ما حاول النظام القيام به هو إنشاء إعلام مؤمم يعمل لحساب الدكتاتورية العسكرية، بذل جهودا مضنية لاقتلاع التوجه الإسلامي من عقول وقلوب الجماهير، وأسس قاعدة بين المستغربين المصرييين من دعاة الليبرالية والعلماينة، حاولت الوقوف في وجه الصحوة الإسلامية ومنع تصدرها دون هوادة، وما تزال تعمل بجد لضرب ثورة 25 يناير وتحويلها عن التوجه الإسلامي بشتى الطرق. مسلحة بإعلام يعتمد على صنع الأكاذيب ونشر الأخبار المضللة والتحليلات المتحيزة. كما يعتمد على سوء أداء الإسلاميين في الحكم بسبب قلة خبرتهم، وتنازعهم فيما بينهم، وإثارة القلاقل السياسية التي تضعف الاقتصاد المصري، والتعاون الصريح مع فلول الحكم العسكري البائد.
ولا ننسى ان نظام الدكتاتورية العسكرية نفسه يحارب بكل طاقته في سورية، لكي يخضع الشعب السوري بعد أن أيقظه الربيع العربي من غفوته، وتحارب العلمانية الليبرالية في سورية تحت عباءة الممانعة، التي هي في الحقيقة عمالة لدولة الفصل العنصري، مستعينة بالسلاح الروسي والتمويل الإيراني والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ودعوة الطائفية البغيضة. ويساعد نظام الحكم العسكري البغيض في سورية ابتعاد مصر عن الساحة، واستغراقها في مشاكلها الداخلية، وانشغالها بتنازع النخبة التي شوّش عقولها إعلام فاسد ممعن في التحريض.
وفي اعتقادي، أن خطة العلمان والليبرال سوف تحقق نجاحا محدودا في الأجل القريب، ولكنها سوف تنتهي بالفشل، لأن الإسلام باقٍ في ضمير المصريين، وسوف يهتدون به في النهاية إلى تحقيق مصالحهم بإقامة حكم مبني على الحرية والقانون والعدالة الاجتماعية. بشرط أن تستمر المسيرة نحو بناء مؤسسات الديمقراطية، بدءا بانتخاب مجلس الشعب، ثم مجلس الشورى، وتنقية القضاء من فساد الذمم والتحيز السياسي.



No comments: