Friday, January 30, 2015

الفشل الشرعي، والفشل المصرفي الإسلامي: نظرة اقتصادية تحليلية د. معبد علي الجارحي

يتيتمتع التمويل الإسلامي بسبع مزايا هامة، وهي أنه يخص القطاع المالي خاصة والاقتصاد عامة بمستوى أعلى من: الكفاءة، والاستقرار، والأمان، والتنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، والتماسك، والقابلية للاستمرار. هذه المميزات السبع للتمويل الإسلامي، يقابلها تحديات، أهمها تعدد إجراءات تطبيق المنتجات المصرفية، حيث تبدو معقدة وغير ضرورية للمصرفيين ذوي الخلفية الربوية، كما تبدو ذات تكاليف أعلى من استخدام عقد القرض التقليدي.
ومن المؤكد أن الميزات السبع تفوق العيوب ولكنها تنصب على الاقتصاد ككل، فهي آثار خارجية بالنسبة للبنوك الإسلامية، لا تستطيع البنوك الإسلامية الإفادة منها مباشرة. ولذلك فإن سلوك المصرفيين الإسلاميين يخلو من السعي للاستفادة من تلك الميزات، من خلال التطبيق الصحيح للتمويل الإسلامي. وهذا يؤدي إلى ما يمكن أن يسميه الاقتصاديون "الفشل المصرفي" وهو عدم قدرة المصارف على القيام بواجبها بما يحقق المنافع المرجوة من نشاطها.
دعنا إذاً نشخِّص هذا الفشل. فمن المعروف أنه في حالة التمويل باستخدام القرض الربوي، يكون المقترض أكثر معرفة بكيفية استخدام حصيلة القرض من المقرض، وهو البنك. وهذا يعرض البنك لمخاطرتين شديدتين نتيجة عدم تماثل المعلومات، وهما مخاطرة سوء الاختيار (adverse selection)، ومخاطرة النزوع السيئ (moral hazard). ولقد تمكنت البنوك الشاملة التي تنتشر في ألمانيا واليابان، من التغلب على مشكلة عدم تماثل المعلومات، والتخلص من المخاطر المرتبطة بها من خلال الاستثمار بالمشاركة، ومن ثم تقدم القروض الربوية لمؤسسات الأعمال التي تشارك فيها.
والبنك الإسلامي بطبيعته يتمحور حول المشاركة، التي هي واحدة من خمسة عشر عقدا من عقود التمويل الشرعية. وبالتالي فهو لا يتعرض لظاهرة عدم تماثل المعلومات التي تعاني منها البنوك التجارية ولا المخاطر الناجمة عنها.
إلا أن تطبيق الصيرفة الإسلامية أسفر عن بنوك تجارية وليست، شاملة، تتجنب المشاركة وتركز على البيوع، وتنتشر بينها منتجات سيئة السمعة، تقلد المنتجات المصرفية التقليدية، بينما ترتدي لباسا إسلاميا. وبالتالي، فإن البنوك الإسلامية لا تحقق أيا من المميزات السبع للصيرفة الإسلامية إلا في النادر، بل إنها تقترب تدريجيا بخطى ثابتة وسريعة نحو نموذج الصيرفة الربوية،
لنا إذاً أن نسأل لماذا؟  وكيف نعالج هذا الأمر؟
وبالنظرة الفاحصة، نجد أن هناك أطراف أربعة مسئول عن الفشل المصرفي الإسلامي، وهم: المصرفيون الإسلاميون، وأعضاء الهيئات الشرعية، والسلطات التشريعية، والسلطات الرقابية.
سلوك المصرفيين الإسلاميين:
تميل البنوك الإسلامية بطبيعة حالها كمؤسسات أعمال هادفة للربح، إلى تعظيم أرباحها خلال العام، أي في الأجل القصير، في مواجهة البنوك الربوية التي تقل تكاليف منتجاتها وينخفض الجهد المبذول فيها. خفضا للنفقات، وتعظيما للأرباح، وفي ضوء ذلك، يلجأ المصرفيون الإسلاميون إلى الإلحاح على هيئاتهم الشرعية معنويا للحصول على رخص لاختصار المعاملات، تقليلا للتكاليف، والإقصار في عضوية الهيئات الشرعية على الأعضاء حاملي وجهة نظر تسمح باختصار المعاملات وتقليل التكاليف. هذا السلوك، رد فعل طبيعي، لأن الصبر على تعقيدات العقود الشرعية من ناحية، وتحمل التكاليف العالية للمعاملات المالية الإسلامية يضعف قدرة البنوك الإسلامية على تحقيق الأرباح. ويسمى هذا السلوك بالتسوق أو الاسترخاص الشرعي (Shari’ah Arbitrage). والنتيجة، يضطر الفقهاء إلى الاستجابة لإلحاح المصرفيين الإسلاميين بتقليد المنتجات المالية التقليدية، وتغيير شكلها حتى تتوافق مع الصيغ التي لديهم والتي يجدونها في كتب الفقه.
هذا عن سلوك المصرفيين المسئول عن الفشل المصرفي الإسلامي، فماذا عن سلوك أعضاء الهيئات الشرعية؟
سلوك أعضاء الهيئات الشرعية
يتصدر أعضاء الهيئات الشرعية لتحقيق صحة المعاملات. هذه الصحة تعتمد على عنصرين رئيسين: صحة الشكل، وبمقتضاها لا بد من استكمال العقود لأركانها الضرورية. وثانيها صحة الغرض، وهي ألا يكون مآل المعاملة ناقضا لأحد مقاصد الشرع في مجال الاقتصاد. وهي مقاصد مستقاه من مقصد حفظ المال، وتشمل ما اصطلح عليه الاقتصاديون كأهداف للسياسات الاقتصادية، وهي التوظف الكامل وما يتصل به من النمو متوازن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاستقرار الاقتصادي، والكفاءة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية.  القضية أن المعاملة التي تتعارض مع تلك المقاصد الاقتصادية تعتبر محرمة، حتى ولو كانت صحيحة شكلا.
وتحقيق المقاصد ليس غريبا على علماء الشريعة، وهم عادة ما يقررون أن كل ما يؤدي أو يؤول إلى محرم فهو محرم. ولذلك فالمآل له اعتباره في التحقيق الشرعي. ولكن علماء الشريعة قلما ينظرون في مآلات المعاملات المالية المتصلة بالمقاصد الاقتصادية. فمثلا، يتفق علماء الشريعة على أن بيع العنب لصانع الخمر، وبيع السلاح للقاتل محرم، لأنه يؤدي إلى محرم. ولكن إذا كانت المعاملة تؤثر على مستوى التوظف والنمو والتنمية، أو غير ذلك من المقاصد الاقتصادية، فهذا مما يخفى على غير المتخصصين في الاقتصاد، ولا يثير اهتمام أعضاء الهيئات الشرعية. وبالتالي فإنه غالبا ما يتفقون على عدم الإخلال بالمقاصد الاقتصادية الشرعية، ولكنهم قلما ينظرون فيها بحكم أنهم غير متخصصين فيها.
ومن أمثلة الإخلال بمقاصد الشريعة في مجال الاقتصاد:
1.  تمويل شراء مؤسسة أعمال تنتج السلع والخدمات، بغرض قيام المشتري بتفكيكها وبيع أصولها منفردة لتحقيق مكاسب كبيرة. هذه المعاملة تكون حلالا شكلا، حيث ولكنها تؤدي إلى تقليل مستوى التوظف.
2.  تمويل شراء مؤسسة أعمال منتجة تعمل في منطقة نائية، يقل النمو فيها عن مستواه في غيرها من مناطق الدولة، بغرض نقلها قريبا من العاصمة. هذه المعاملة تزيد من اختلال معدل النمو بين مختلف مناطق الدولة، وتتناقض مع تحقيق النمو المتوازن.
3.  تمويل شراء الأسهم بغرض بيعها بعد بضعة أيام، مثل ما يحدث في حالة مرابحة الأسهم. فهي معاملة قد تكون مبنية على عقود صحيحة شكلا، ولكنها تؤدي إلى تشجيع المتاجرة أو المضاربات في الأسواق، وهذه بدورها تؤدي إلى عدم الاستقرار، مما يتعارض مع مقصد شرعي اقتصادي معتبر.
4.  تمويل مصنع للإسمنت غير مجهز بمعدات تمنع تلوث البيئة، وهي معاملة تضر بالكفاءة الاقتصادية، وتهدر الموارد الطبيعية غير المتجددة، كالماء والهواء.
5.  تمويل مؤسسة تعليمية يقتصر القبول فيها على أولاد الأغنياء، بأن تكون مصروفاتها مرتفعة، بينما لا تقدم منحا للطلبة المتميزين، تغنيهم عن دفع المصروفات. هذه المعاملة تمكن الأغنياء من تعميق استثماراتهم في رأسمالهم البشري، دون أن تعطي الفقراء من أصحاب القدرات فرصة مماثلة، وبالتالي تقود إلى تزايد الفجوة في الثروة والدخل بين الغني والفقير، وتهبط بمستوى العدالة الاجتماعية.
وبناء على ذلك، فإن الغرض يعرف من مآل المعاملة، ولا يخلو الأمر من أن المعاملة غير صحيحة شكلا، ولكن صحيحة غرضا، فهي محرمة، مثل بيع بضاعة يحل بيعها، مع تأجيل البدلين، أو أن تكون المعاملة صحيحة شكلا، ولكن غير صحيحة غرضا، فهي محرمة، مثل تمويل شراء مؤسسات الأعمال لتفكيكها والمتاجرة في أصولها بصورة منفصلة، وكذلك التورق باستخدام عقدي بيع، أحدهما بثمن آجل والآخر بثمن ناجز، حيث أن المآل في هذه الحالة تخطي القطاع الحقيقي، وبيع نقد حال بنقد آجل، مما يقرب التمويل الإسلامي من التمويل التقليدي.
وبينما يجيد الفقهاء تحقيق صحة الشكل، بما لديهم من ثروة من النصوص الفقهية الثابتة، وتفسيراتها ومضامينها، يجيد الاقتصاديون تحقيق صحة الغرض، لتخصصهم في معرفة مآلات المعاملات. ولذلك، يحتاج تصحيح المعاملات إلى جهد مشترك بين الفقهاء الذين يسهرون على توفير صحة الشكل، والاقتصاديين الذين يحرصون على صحة الغرض.
إلا أن واقع المصارف الإسلامية يشير إلى أن الهيئات الشرعية تقتصر على عدد قليل من الفقهاء، يتداولون عضويتها بينهم. ويكونون نسبة ضئيلة جدا من فقهاء الأمة. ولقد اعتادت تلك الهيئات التركيز على الصحة الشكلية، الأمر الذي أدى إلى انتشار المعاملات ذات المآلات المتناقضة مع المقاصد. ومن الملاحظ أيضا أن غالبية فقهاء الأمة لا تصحح تلك المعاملات، بدليل ما يصدر من مجمع الفقه الدولي من فتاوى ترفض العينة والتورق وأمثالهما. ولذلك، فإن توجيه النقد محصور في الهيئات الشرعية وليس في الفقهاء عامة.
ولما كانت الشريعة من ناحية، كفرع من فروع المعرفة الإنسانية، ذات صفة بيانية تعتمد على تحقيق النصوص الدينية وتفسيرها، ومن ثم، استخلاص المبادئ والقواعد الشرعية منها، فإن المآلات الاقتصادية غير مشمولة في هذا التخصص. لأنه يصعب يجمع طالب المعرفة الشرعية بين التعمق في الاقتصاد والتعمق في الشريعة. 
كما أن الاقتصاد من ناحية أخرى علم بياني يعتمد على وضع النظريات واستخدام التحليل المنطقي والرياضي لاستخلاص مبادئ علمية، بالإضافة إلى اختبار المبادئ العلمية تطبيقيا لإثبات أو رفض صحتها. فإن المآلات الاقتصادية للمعاملات تقع في صلب هذا التخصص.
ونظرا لخلو الهيئات الشرعية من علماء الاقتصاد، وغياب التخصص في الاقتصاد بين غير الاقتصاديين، فإن النتيجة الحتمية إيلاء صحة الغرض موقعا متأخرا، وإعطاء صحة الغرض الموقع المتقدم. وبالتالي، فلا خيار لدى الهيئات الشرعية سوى الاستجابة لإلحاح المصرفيين الإسلاميين. وبالتالي فإنه لا سبيل لأعضاء تلك الهيئات إلى تلك الاستجابة، سوى الاهتمام بصحة الشكل، وعدم اعتبار صحة الغرض، لأن المآل الاقتصادي ذاته غير معروف.
سلوك السلطات التشريعية
وبعد أن تعرضنا لسلوك كل من المصرفيين الإسلاميين والهيئات الشرعية، نتعرض لسلوك السلطات التشريعية التي تضع القوانين في كل دولة. ومن حيث المبدأ، لا يمكن أن يقوم نشاط اقتصادي دون سند قانوني يضعه المشرعون، فهناك قوانين للبنوك، ولأسواق المال، وللنشاط التجاري، هذه القوانين تخلو تماما في غالب الدول التي يضم بنوكا إسلامية من ذكر الصيرفة الإسلامية، ولذلك لا يجد كثير من التمويل الإسلامي غطاءً قانونيا. فتكون النتيجة أن ممارسات المصارف الإسلامية لا ينظمها القانون. وعند المنازعات، يرجع القضاة للتمويل التقليدي كنموذج لتكييف المعاملات محل الخلاف.
ولذلك، يجب ذكر الصيرفة الإسلامية في القوانين الثلاثة على الأقل، بحيث يعرَّف البنك الإسلامي، وتعرَّف المنتجات المالية الإسلامية، لكي يتم تطبيقها بنص القانون، وتعرّف المنتجات غير الشرعية وسيئة السمعة، لكي نتجنبها بنص القانون،
سلوك السلطات النقدية
والآن نتحدث عن سلوك السلطات النقدية في كل من تلك الدول. حيث نلاحظ أن السلطات النقدية في معظمها لا تعترف باستقلالية واختلاف التمويل الإسلامي، ويترتب على ذلك تطبيق القواعد الرقابية المصممة للتمويل الربوي على البنوك الإسلامية، وأن تقتصر الرقابة على البنوك الإسلامية على الرقابة المالية والرقابة الإدارية. أما الرقابة الشرعية، فإن البنك المركزي لا يقوم بها بالمرة، معللا بعدم الاختصاص.
ونتيجة ذلك تنفرد الهيئة الشرعية لكل مصرف إسلامي بتحديد ما يتوافق مع الشريعة من معاملات، ويصبح كل مصرف إسلامي جزيرة أو كيانا منفصلا عن غيره، له منتجاته التي قد تختلف عن منتجات غيره، فيتسع مجال التناقضات، فما يحله أو يحرمه بنك قد لا يحله ولا يحرمه غيره، وتتنافس الهيئات الشرعية في قدراتها على الإبداع في أشكال المعاملات، دون اعتبار صحة الغرض، بل إنه يكفي رأي فقيه واحد أو قلة من الفقهاء للاعتماد عليه لترجيح معاملة معينة.
والحل هو أن تقوم السلطات النقدية بوضع مجموعة من اللوائح الخاصة برقابة البنوك الإسلامية، تسمح لها بالمعاملات التي تتفق مع كونها بنوكا شاملة إسلامية، وتجعل مخالفة الشريعة سببا يبرر سحب ترخيص البنك، كما تقوم السلطات النقدية بتكوين هيئة شرعية وطنية تتكون من عدد من المتخصصين في الشريعة وآخر مساوٍ له من المتخصصين في الاقتصاد. عندئذ، تزول الحاجة إلى وجود هيئات شرعية في البنوك الإسلامية، ويمكن في هذه الحال الاستغناء عنها بإدارات خاصة بهيكلة المنتجات المالية، تقدم لكل معاملة هيكلا يتضمن واحدا أو أكثر من عقود التمويل الإسلامي الخمسة عشر، والذي يمكن للهيئة الشرعية لدى السلطات النقدية أن تقره أو تعترض عليه من خلال الرقابة الشرعية الذي تجريه تحت إشراف هيئتها الشرعية المركزية.
وبالإضافة إلى ذلك، تضع السلطات النقدية وسائل تستوفي حاجة البنوك الإسلامية إلى السيولة المؤقتة، وإلى سوق نقدية بين البنوك، كما توفر لها نصيبا عادلا من الودائع الحكومية، ودورا يتناسب مع نصيبها من السوق المصرفية في المعاملات الخاصة بتطبيق السياسات النقدية. وهذه أمور فصلها بعض الاقتصاديين الإسلاميين المتخصصين في اقتصاديات النقد والمال.
ومن بين لوائح الرقابة على البنوك الإسلامية التي نقترح على السلطات النقدية أن تتبناها، ضوابط من شأنها أن تخفف من آثار عدم تماثل المعلومات في حالة استخدام المضاربة والوكالة، وتسهل للبنوك الإسلامية مراقبة المتمولين بالمضاربة والوكالة، وهي ضوابط معروفة لدى الاقتصاديين الإسلاميين. على أن تلزم السلطات النقدية المتمولين بالمضاربة والوكالة باتباعها، أو استخدام المضاربة والوكالة جنبا إلى جنب مع المشاركة، لإزالة عدم تماثل المعلومات.
وبالإضافة إلى ذلك، أن تضع لوائح تفرض عليها التأكد من أن البنك الإسلامي لديه من الوسائل التي تمكنه من إجراء استثمارات حقيقية، مثل وضع وتقييم دراسات الجدوى، والقدرة على الإشراف على المشاركات والشركات التابعة.
ولتسهيل التمويل بالبيوع، يمكن أن تتضمن اللوائح اعتبار الأصول الممولة مرهونة لصالح البنك تلقائيا، حتى يتم سداد التمويل، مع وجوب التأمين عليها تأمينا تكافليا، والتعاقد على صيانتها المستمرة، تقليلا لنفقات الرهن، وكذلك معاقبة المماطلين في السداد معاقبات مالية رادعة، ووضع معايير للتحقق من العسر، تبريرا لإعادة الجدولة دون زيادة في قيمة الدين، على أن تشكل الهيئة الشرعية المركزية هيئة فرعية للتحكيم، يكون من مهمتها النظر في شكاوى المتعاملين مع المصارف الإسلامية، والفصل في المنازعات بين الطرفين، قبل اللجوء للقضاء.
ولتسهيل قيام المصارف الإسلامية بالاستثمار الحقيقي، من المستحسن أن تضم اللوائح الرقابية معايير لتصنيف المستثمرين تذهب إلى أبعد من مجرد القدرة على السداد، وبالنسبة للمتمولين بالمشاركة والمضاربة والوكالة، يجب النص على ضرورة إثبات جدوى الاستثمار، وتوقعات الأرباح في ظل فرضيات بديلة، وكيفية المشاركة في الإدارة أو المراقبة المستمرة.
كما يجب أن تخصص لوائح الرقابة على البنوك الإسلامية بنودا لتسهيل المراقبة المتبادلة بين البنوك الإسلامية وعملائها، حيث أن هذه الرقابة المتبادلة هي شرط من شروط كفاءة العمل المصرفي وحسن أدائه. ففي جانب الموجودات واستخدام الموارد يجب أن تنص اللوائح على ضرورة أن يكون المستثمر قادرا على تقديم معلومات منتظمة ومدققة من ناحية، وأن يكون البنك قادرا على تلقي وتقييم المعلومات من المستثمرين المتمولين. أما في جانب المطلوبات، فيجب أن تنص اللوائح على أن يكون أصحاب الحسابات الاستثمارية القدرة على مراقبة أعمال البنك. ولتحقيق ذلك، يجب اختيار عدد من أصحاب أكبر الأرصدة لعضوية مجلس الإدارة لمدة عام، وتخصيص مقاعد لهم في المجلس بنسبة حسابات الاستثمار إلى مجمل الموارد المستخدمة.
والخلاصة أن المميزات التي يجلبها التمويل الإسلامي، ينصرف معظمها للاقتصاد ككل، وليس للمؤسسات العاملة فيه، وينتج عن ذلك انعدام الحوافز لدى المصرفيين الإسلاميين، والهيئات الشرعية والسلطات التشريعية والنقدية لتطبيق نموذج التمويل الإسلامي بصورة صحيحة. كما أن الفشل الشرعي من أهم عناصر الفشل المصرفي الإسلامي، ويمكن علاجه بتقديم الحوافز اللازمة من خلال إعادة هيكلة النظام، لكي يقوم كل طرف من الأطراف المعنية بواجبه على خير ما يجب.

اسباب الفشل في تطبيق التمويل الإسلامي وعلاجها.