أحاديث زكاة
الفطر
الحمد لله العلي القدير والصلاة والسلام على البشير
النذير.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير
والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه واللفظ
للبخاري.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقِط أو صاعا من زبيب. متفق عليه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث وطعمةً للمساكين،
من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه
أبو داود وابن ماجه.
ما يستقى من
الأحاديث
أولا: أن
إخراج زكاة الفطر بُرّاً، أو شعيرّاً،
أو تمرّاً، أو زبيبّاً، أو أرزّاً، أو ذرةً، أو دخنّاً، أو غيرها من كل حب وثمر يقتات
به، أو أقطّاً (قريب من الكشك في وقتنا الحاضر) يجزئ المسلم عن أداء صدقة الفطر.
ثانيا: أن
أنواع الطعام المذكورة مجرد أمثلة، وأن أي طعام يجزئ عن دفع الزكاة. وبناء عليه
فإن الخبز واللحوم وغيرها تدخل في الأصناف المسموح بها.
ثالثا: لو
كان لدى دافع الزكاة كل أصناف الطعام المذكورة في الأحاديث، فخيّر الفقير، فاختار
ما يشاء، لتميز دافع الزكاة بحسن الأداء، لأنه أولا أدى الزكاة، وثانيا أعطى
الفقير الخيار، فأحسن إليه مرتين. فإعطاء الخيار للفقير إحسان إليه يضيف إلى حسن
الأداء.
رابعا: أن
الطعام هو أول الحاجيات الأساسية في الأهمية بالنسبة للإنسان. ولكن إذا لم يكن
للفقير حاجة إلى الطعام، ويود استيفاء حاجيات أخرى كالمأوى مثلا، فإن تقديم الطعام
لن يفيد الفقير، إلا إذا باعه بأقل من سعره، وفي ذلك خسارة للفقير ودعما واضحا،
وإن كان غير مقصود، للتجار.
خامسا: لا شك
أن حرية الاختيار من تكريم بني آدم عموما. فلقد أعطى الله حرية الاختيار لمن خلق
بشرا بين لا بين الإيمان والكفر فحسب، مع تحمل تبعة الاختيار، ولكن بين المباحات
(من تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه).
سادسا: أن
توفير وتوسيع حرية الاختيار من أسباب زيادة الرفاهية الاقتصادية، وبذلك تكون من
مقاصد الشريعة في مجال الاقتصاد. وقد تكون تابعة لحفظ النفس وحفظ المال. لأن النفس
بدون خيار تصبح مجبرة على كل شيء وتفقد كرامتها وسعادتها، بل وقد يتهدد وجودها.
كما أن المال يتزايد كلما زادت واتسعت أوجه استثماره وتوظيفه.
خامسا: لو
أخرجها دافع الزكاة نقدا، بقيمة الطعام أو أكثر، لكان مجال الخيار الممنوح للفقير
أوسع من ذي قبل. لأن النقد قوة شرائية يمكن استخدامها في سد حاجة الفقير دون
تحديد. وهذا يكون أعلى درجات الإحسان في أداء الزكاة.
ولما كان المنطق الاقتصادي السليم
يقول بأن الدعم النقدي أفضل للفقير من الدعم العيني، فإن رأينا بتفضيل إخراج زكاة
الفطر نقدا يتسق مع المنطق الفقهي والاقتصادي.
وما دام هناك من قدماء الفقهاء من
أقر إخراج زكاة الفطر نقدا، ومنهم من أجاز إخراجها عينا أو نقدا، ومنهم من أصر على
إخراجها عينا، فإن الفهم الاقتصادي للنصوص لا يخرج عن إطار الفكر الإسلامي
الملتزم.
والله أعلم.
No comments:
Post a Comment